تتنوَّع وسائل علاج ورم الغدة النخامية حسب نوع الورم، كما أنَّ إهمال العلاج يُؤدِّي إلى تفاقم الأعراض، وزيادة مستويات بعض الهرمونات إلى درجاتٍ خطيرة؛ لذا هل يمكن علاج أورام الغدة النخامية دون جراحة؟
ما هو مرض الغدة النخامية؟
- إصابة الغدة النخامية بورمٍ ناجمٍ عن نمو غير طبيعي لخلاياها، وقد تكون هذه الأورام مُفرِزة للهرمونات، أو تزداد حجمًا بمرور الوقت، وتضغط على الأنسجة المُجاورة.
- يُؤثِّر مرض الغدة النخامية على غيرها من الغدد الأخرى بحسب نوع الهرمون الذي يُفرِزه الورم بإفراط.
- يُشِير “مرض الغدة النخامية” عمومًا إلى أيِّ اضطرابٍ يُصِيب الغدة، ومن شأنه أن يزيد نشاطها عن المُعدّل الطبيعي، أو يجعلها غير نشطة بما يكفي لأداء وظائفها.
- تزيد الهرمونات الوظيفية (المُفرِزة للهرمونات) نشاط الغدة النخامية عن المُعدَّل الطبيعي لها، بينما قد تُؤدِّي الأورام غير الوظيفية (التي لا تُفرِز هرمونات) إلى قصور الغدة النخامية عن إفراز الهرمونات بالحد الأدنى المطلوب.
- علي عكس المعتقد يوجد العديد من انواع اورام الغدة النخامية التي تحتاج كل منها الي طرق علاج مختلفة
أعراض مرض الغدة النخامية
يختار الطبيب وسيلة علاج ورم الغدة النخامية بناءً على الأعراض التي يشكو منها المريض، إذ ليست أعراض الغدة النخامية متساوية بين الجميع، كما قد لا تُظهِر الغدة النخامية أي أعراضٍ في المراحل المُبكِّرة للمرض.إذا زاد الورم في الحجم، وضغط على الأنسجة المُجاوِرة له، فقد يُسبِّب بعض الأعراض، مثل:
- الصداع: أحد الأعراض الشائعة لورم الغدة النخامية، ولكنَّه ليس العَرَض الوحيد بالطبع.
- مشكلات الرؤية: نتيجة ضغط الورم على الألياف العصبية البصرية، وربَّما فقد البصر في الحالات المُتقدِّمة.
- نقص الهرمونات: في حالة الضغط على الأنسجة السليمة للغدة النخامية، فقد تتلف، وتقل قدرتها على إنتاج الهرمونات، ومِنْ ثَمَّ يُعانِي المريض نقصًا في بعض الهرمونات الحيوية للجسم.
أمَّا لو كان الورم مُفرِزًا للهرمونات (ورم وظيفي)، فالأعراض تختلف بحسب طبيعة الهرمون المُفرَز:
1- هرمون البرولاكتين (Prolactin)
تُؤدِّي زيادته إلى مجموعة من الأعراض:
- السيدات: انقطاع الدورة الشهرية، أو عدم انتظامها، أو العقم؛ إذ يُؤثِّر البرولاكتين على مستويات الهرمونات الأنثوية، كما قد يُسبِّب ثر اللبن لدى السيدات، وهو نزول لبن الثدي رغم عدم الحاجة إلى ذلك، أو عدم كون الأم مُرضعًا.
- الرجال: نقص التستوستيرون، والإرهاق، وضعف الرغبة الجنسية، وضعف الانتصاب، والتثدِّي؛ إذ يُعرقِل هرمون البرولاكتين إفراز الخصيتين للتستوستيرون، وربَّما كذلك يضعف إنتاج الحيوانات المنوية.
2- هرمون النمو (GH)
يزيد نمو أعضاء الجسم، وربَّما يُسبِّب ضخامة الأطراف لدى البالغين، وزيادة حجم عظام الجمجمة، والفك، أمَّا لدى الأطفال، فتُسبِّب زيادته العملقة مع تأخُّر البلوغ، وفي كلا الحالين إِنْ لم يحصل المريض على علاج ورم الغدة النخامية، فقد يُعانِي مِمَّا يلي:
- ارتفاع ضغط الدم: نحو 35% مِمَّن يُعانون ضخامة الأطراف (نتيجة زيادة هرمون النمو) مُصابون بارتفاع ضغط الدم، والذي يزيد فرص الإصابة بقصور القلب تباعًا.
- أمراض القلب: ليست عضلة القلب استثناءً من تأثير هرمون النمو؛ إذ تتضخَّم عضلة القلب، مِمَّا يُضعِف وظيفته، خاصةً إذا تزامن مع ارتفاع ضغط الدم.
- مرض السُّكري: يتسبَّب هرمون النمو في مقاومة الأنسولين، ومِنْ ثمَّ التمهيد للإصابة بمرض السكري؛ إذ يزيد مستويات السكر في الدم، ويضاد عمل الأنسولين.
3- الهرمون المُوجِّه لقشر الكظر (ACTH)
تُؤدِّي زيادته إلى إنتاج مزيدٍ من الكورتيزول، ومِنْ ثَمَّ الإصابة بمتلازمة كوشينغ ذات الأعراض الآتية:
- ارتفاع ضغط الدم: نتيجة احتباس أملاح الصوديوم في الدم، والسوائل تباعًا، فالكورتيزول من الهرمونات المُنظِّمة لتوازن الماء والمعادن في الجسم.
- زيادة مستويات السكر في الدم: الكورتيزول أحد الهرمونات المُعزِّزة لمستويات السكر في الدم، ومِنْ ثمَّ تُؤدِّي زيادة مستوياته إلى ارتفاع سكر الدم.
- هشاشة العظام: تتسبَّب زيادة الكورتيزول في تحفيز تكسير البروتين، ومِنْ ذلك بروتين العظام، مِمَّا يُؤدِّي إلى هشاشتها.
- زيادة الوزن: الكورتيزول مُعزِّز للشهية، كما يزيد احتقان السوائل في الجسم، بالإضافة إلى إعادة توزيع الدهون في الجسم، مما يئول إلى زيادة الوزن.
- ضعف العضلات: نتيجة طبيعية لتكسير البروتين الذي يتولَّاه الكورتيزول.
- تراكم الدهون في الوجه، وخلف الرقبة، والأكتاف: وذلك هو معنى إعادة توزيع الدهون الذي يقوم به الكورتيزول حال ارتفاع مستوياته في الدم.
4- الهرمون المُنبِّه للدرق (TSH)
من الأورام النادرة، لكنَّه قد يُسبِّب فرط الدرقية، وزيادة مستويات هرمونات الغدة الدرقية، مِمَّا يترتَّب عليه الأعراض الآتية:
- زيادة مُعدَّل ضربات القلب: إذ تُحفِّز هرمونات الغدة الدرقية استجابة القلب للجهاز العصبي الودّي، مِمَّا يزيد ضرباته.
- العصبية: كُلَّما زادت مستويات الثيروكسين، تقلَّب المزاج أكثر، ومِنْ ثَمَّ قد يُعانِي المريض عصبيةً، كما قد يكون ذلك نتيجة نشاط الجهاز العصبي الودّي.
- ضعف العضلات: لا يُوجَد سبب واضح لذلك، لكن يُعتقَد أنَّ زيادة الثيروكسين، تُعزِّز تكسير بروتينات العضلات.
- خسارة الوزن: يُعزِّز الثيروكسين الأيض وحرق السعرات الحرارية، ومِنْ ثَمَّ فقد يفقد المريض الوزن.
- زيادة التعرُّق: قد يكون ذلك نتيجة اضطراب قدرة الجسم على تنظيم الحرارة، خاصةً في الطقس الحار؛ إذ لا يتحمَّل المريض الحرارة العالية.
- طمث أخف من المُعتاد لدى السيدات: فرط الدرقية من أسباب عدم انتظام الدورة الشهرية، أو قلة النزيف عن المعتاد، أو ربَّما انقطاعها عِدَّة أشهر.
التشخيص المبكر لمرض الغدة النخامية
تشخيص المرحلة الأولى في علاج ورم الغدة النخامية، يعتمد مبدئيًا على طبيعة الأعراض التي يشكو منها المريض، بالإضافة إلى الاختبارات الآتية:
- الفحص العصبي: للتأكُّد من سلامة الجهاز العصبي وردود الأفعال، والقدرة الحركية، بالإضافة إلى سلامة الإحساس، مِمَّا قد يُدلِّل على عدم انتشار الورم بعيدًا.
- اختبارات الدم: قد يُوصِي الطبيب بإجرائها؛ لقياس مستويات هرموناتٍ مُعيَّنة في الدم؛ استنادًا إلى الأعراض التي عانى منها المريض، ومِنْ ثَمَّ تأكيد التشخيص؛ لاختيار طريقة علاج ورم الغدة النخامية المناسبة.
- أشعة الرنين المغناطيسي: تُعطِي صورة تفصيلية للغدة النخامية، وما يُحِيط بها، وكذلك يتعرَّف الطبيب من خلالها على حجم الورم، وهي الطريقة المُعتمَدة للتشخيص.
- التصوير المقطعي المُحوسَب: تُوفِّر كذلك صورًا تفصيلية من عِدَّة نواحٍ، لكنَّها أقل دقة من أشعة الرنين المغناطيسي.
- اختبار مجال الإبصار: قد يضغط ورم الغدة النخامية على الألياف العصبية البصرية، ومِنْ ثَمَّ يفقد المريض جزءًا من مجاله الإبصاري، ويُحدِّد ذلك الاختبار القدر المفقود؛ للتعامل مع المريض بما يُناسِبه.
- خزعة: يحصل الطبيب على عيِّنة من ورم الغدة النخامية؛ لفحصه تحت المجهر، ومعرفة نوع الورم.
علاج ورم الغدة النخامية
يختلف علاج ورم الغدة النخامية حسب نوع الورم الذي أُصِيب به المريض، وتفصيل ذلك فيما يلي:
1- علاج الورم البرولاكتيني
- تُستخدَم مُنبِّهات الدوبامين في علاج الورم البرولاكتيني، إذ تمنع هذه الأدوية فرط إفراز البرولاكتين، وقد تُساهِم في تقليل حجم الورم.
- من أمثلة الأدوية المُنبِّهة للدوبامين: بروموكريبتين، وكابيرجولين.
- قد تُسبِّب هذه الأدوية آثارًا جانبية، مثل: الغثيان، القيء، الإسهال، الإمساك، الصداع، الاكتئاب.
2- علاج الورم المُفرِز لهرمون النمو
قد يلجأ الطبيب إلى نوعَين من الأدوية لعلاج هذا الورم:
1- نظائر السوماتوستاتين
السوماتوستاتين هرمون طبيعي يُفرِز بواسطة الغدة النخامية، يمنع إنتاج هرمون النمو، ومن أمثلة الأدوية المُشابهة للسوماتوستاتين ما يلي:
- أوكتيروتيد.
- لانريوتيد.
ولا تخلو هذه الأدوية أيضًا من آثارٍ جانبية، مثل:
- بطء مُعدَّل ضربات القلب.
- الغثيان.
- القيء.
- الإسهال.
- ألم البطن.
- الصداع.
2- مضادات هرمون النمو
- تمنع هذه الأدوية عمل هرمون النمو على الخلايا، ومِنْ ثَمَّ علاج ورم الغدة النخامية المُفرِز لهرمون النمو، وتخفيف أعراضه، كما لا تعيق هذه الأدوية إفراز هرمون النمو، بل يقتصر عملها فقط على منع فعَّاليته.
- من أمثلة مضادات هرمون النمو دواء بيجفيسومانت، ويُستخدَم عن طريق الحقن أسفل الجلد، ولا يُسبِّب أضرارًا جانبية عديدة باستثناء هبوط مستويات السكر في الدم، وتلف الكبد الخفيف لدى بعض الأفراد.
3- مُنبِّهات الدوبامين
- ليست محصورة فقط في علاج الورم البرولاكتيني، لكن ثبت أنَّها تُقلِّل مستويات هرمون النمو لدى بعض الأشخاص.
- يحتاج استخدام مُنبِّهات الدوبامين لورم الغدة النخامية المُفرِز لهرمون النمو جرعة أعلى مِمَّا هو مُستخدَم في حالة الورم البرولاكتيني.
3- علاج الورم المُفرِز للهرمون المُوجِّه لقشر الكظر
الجراحة هي الخيار المُناسِب لعلاج هذا الورم ما أمكن ذلك، ولا تُعدُّ الأدوية جزءًا من علاج الورم إلَّا إذا لم تنجح الجراحة، والعلاج الإشعاعي، ومن أمثلة الأدوية المُمكِن استخدامها في علاج ورم الغدة النخامية المُفرِز للهرمون المُوجِّه لقشر الكظر ما يلي:
- باسيريوتيد: يُساعِد مرضى متلازمة كوشينغ إذا لم تكن الجراحة خيارًا مناسبًا، لكن له آثار جانبية، مثل: الغثيان، والقيء، والإسهال، وزيادة مستويات السكر في الدم.
- كابيرجولين: يُساهِم كذلك في التغلُّب على متلازمة كوشينغ.
- مُثبِّطات توليد الستيرويدات: قد تُستخدَم لمنع الغدة الكظرية من إنتاج الكورتيزول، لكن ليس لها تأثير على ورم الغدة النخامية، ومن هذه الأدوية: كيتوكونازول، وميتيرابون، وميتوتان.
- ميفبريستون: حاصر مستقبلات الكورتيزول، ومِنْ ثَمَّ يحد من تأثيره على الجسم، ويُخفِّف أعراض الورم، لكنَّه يتطلَّب متابعة مستمرة؛ نظرًا لأعراضه الجانبية الخطيرة.
طرق علاج أورام الغدة النخامي
عملية استئصال الغدة النخامية
تأتي الجراحة ضمن الخيارات المُفضَّلة في علاج ورم الغدة النخامية، وباستخدام المنظار على وجه الخصوص، إذ يُدخِل الطبيب المنظار عبر الأنف؛ للوصول إلى الغدة النخامية، واستئصالها بسهولة.تُجرَى 95% من عمليات استئصال الغدة النخامية بهذه الطريقة، وهي تُعدُّ من الطرق الآمنة لاستئصال الغدة النخامية، كما يُمكِن استئصال الغدة النخامية بطريقٍ آخر، ألا وهي الجمجمة، ويختار الطبيب الوسيلة الأفضل حسب حالة المريض.
الأسئلة الشائعة:
لا تحتاج العديد من حالات الأورام الغدية النخامية إلى علاج. فهي ليست سرطانية، وإذا لم تسبب ظهور أعراض، فقد تكون مراقبة تطورها مع مرور الوقت نهجًا جيدًا. وإذا كان العلاج ضروريًا، فسيعتمد العلاج على نوع الورم وحجمه وموقعه ومدى نموه مع مرور الوقت.
يعيش 97٪ من الأشخاص خمس سنوات أخرى بعد تشخيص إصابتهم به ، اعتمادًا على معدل نمو الورم الحميد في الغدة النخامية.
إن نسبة نجاح استئصال الورم بالكامل/الشفاء في الأورام الغددية (<1 سم) تبلغ أكثر من 90%، أما في حالة الأورام الغددية الدقيقة تصل إلى 65%. أما المخاطر الجراحية للمضاعفات الحادة فتبلغ أقل من 1%.
يُمكن لطبيب متخصِّص في اضطرابات الغدد الصماء (اخْتِصاصِي الغدد الصماء) مراقبة الأعراض التي تشعر بها ومستويات هذه الهرمونات في الدم؛ للتأكُّد من حصولكَ على الكميات المناسبة.
سرطان الغدة النخامية هو ورم دماغي نادر ينمو من الغدة النخامية في قاعدة الدماغ، ويعتقد أن هذا الورم يمكن أن يظهر من الخلايا المتنية من الفص الخلفي من الغدة النخامية، والمعروفة بالغدد النخامية والتي يعتقد بعض الباحثين أنها تنشأ من خلايا الأجراب النجمية في الفص الأمامي من الغدة النخامية.